بسم الله الرحمن الرحيم
كما أن في الصلاة خشوعًا يمنحك لذة المناجات والتفكر في القراءة كذلك فإن في الحج خشوعًا يخفق به قلبك عندما تستشعر
عظمة البيت وأنت تطوف به وتتأمل معاني الوقوف بعرفات والسعي ورمي الجمرات .
وكذلك عند وضع الصدقة في يد الفقير ينتابك شعور إيماني ولذة تطغى على ما في القلب من شح وحب للمال.
ويتحقق الخشوع عند التوبة والاستغفار عندما تستغفر من ذنوبك وأنت نادم على ما مضى من الزلل والخطايا .
وإذا قرأت القرآن متدبرًا لما فيه فإنك ستجد ذلك الخشوع الذي يقشعر له بدنك وتدمع منه عينك ويتلذذ بتلاوته لسانك وينشرح صدرك.
والصيام - كباقي العبادات - له خشوع ينسيك الظمأ والجوع ويسمو بروحك نحو الإيمان والكمال .
ولا يمكنك الخشوع في صومك والتلذذ بساعات الصيام ما لم تصن جوارحك عن الحرام .
فعين الصائم الخاشع أصابها الذبول فلا تمتد إلى الحرام .
والأذن منه لا تأنس إلا بسماع القرآن والذكر وأصوات المآذن تضج بالتكبير.
وهكذا .. تعيش الجوارح بكل ذراتها حقيقة الصوم وتجني ثمراته.
وتتأدب بأحكامه وآدابه .
فالصوم مدرسة إيمانية تربوية يتعلم فيها المسلم حقيقة الإيمان والتقوى .
قال الله سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [سورة البقرة ] .
وإذا كان الخشوع يشمل العبادة من أولها إلى آخرها
والصيام يبدأ من الفجر إلى غروب الشمس ، فينبغي أن تخشع في صيامك خلال هذه المدة وتستحضر معاني مرتبة الإحسان بأن : " تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ".
كذلك يمتد الخشوع في قيام رمضان وتحري السحور والاجتهاد في الدعاء في جوف الليل فهذه كلها من ثمرات الصيام الحقيقي الطاهر من الزور واللغو والفجور .
والصيام إن خلا من الخشوع وحفظ الجوارح عما حرم الله فإن صاحبه لن يجني منه سوى الجوع والعطش ، وهذا ما حذر منه نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله :
" مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ " رواه البخاري.
وختامًا : من خشع في صيامه وصان جوارحه سيتمنى العمر كله رمضان، وسينادى عليه -بإذن الله - من باب الريان.
فاحفظ صيامك تنل ثمراته ويرضى الله عنك .
اللهم أعنا على الصيام والقيام وغض البصر وحفظ اللسان.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .